يوسف العربي (أبوظبي)

تحتضن الإمارات العربية المتحدة نحو 600 مصنع للأثاث، تلبي أكثر من %50 من الطلب المحلي، وفقًا لبيانات جولدستين «Goldstein » لأبحاث السوق التي أكدت أن الاستثمار الرأسمالي في هذه الصناعة يناهز مليار ما يمثل 1.20 % من إجمالي الاستثمار في التصنيع في الدولة. وتمتلك الإمارات سمعة عالمية في مجال الأثاث وتعتبر مركزاً عالمياً للتصاميم المتنوعة ذات الجودة العالية والتي تلبي مختلف الأذواق والاحتياجات. وتمكنت الدولة من استقطاب العديد من الاستثمارات الناجحة في هذا المجال، خصوصاً في ظل نشاط السوق بالدولة والمنطقة المترافق مع التطور العمراني المتواصل. وخلال الفترة الماضية ظهرت أنماط جديدة من الطلب على الأثاث، خصوصاً مع اعتماد العديد من المستهلكين على عمليات الشراء الإلكتروني والطلب عن بُعد، والتي أصبحت رائجة في مجال تجارة الأثاث، ما فتح فرصاً أكبر لتوسع هذا القطاع لتلبية المتطلبات الجديدة بالأسواق.

 

صناعة مهمة 
وأكد رضوان ساجان المؤسس ورئيس مجلس الإدارة مجموعة «دانوب» لـ «الاتحاد» إن صناعة الأثاث صناعة مهمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يوجد أكثر من 600 مصنع أثاث تمثل نحو 13% من إجمالي عدد الصناعات في الدولة.  
ولفت إلى أن الاستثمار الرأسمالي في صناعة الأثاث في الإمارات يناهز مليار درهم (270 مليون دولار) وهو ما يمثل 1.20 % من إجمالي الاستثمار في التصنيع، وذلك وفقًا لبيانات جولدستين «Goldstein» لأبحاث السوق. وتساهم صناعة الأثاث بنسبة 3.6 % في قطاع الصناعات التحويلية في دولة الإمارات ومن المتوقع أن يسجل سوق الأثاث في الدولة معدل نمو سنوي مركب إيجابي يبلغ حوالي 5.6 % خلال الفترة من 2019 إلى 2035. 

وقال ساجان : «في الإمارات العربية المتحدة ، يزيد الناس إنفاقهم على تجديد المنازل (الأثاث والمطابخ والحمامات والأرضيات)، ويستثمرون في منتجات عالية الجودة وبالتالي فإن المنطقة تتطور كسوق محتمل لجميع أنواع الأثاث ». وأضاف أن ارتفاع عدد لاعبي السوق عبر الإنترنت الذين يخدمون الطلب على المنتجات الخشبية والإكسسوارات سيكون له تأثير إيجابي على إجمالي الإيرادات لسوق الأثاث في الإمارات. 

نمو الطلب
وأضح ساجان، أن نمو صناعة الأثاث دائماً ما يأتي مدفوعاً بالزيادة في عدد العائلات وارتفاع الطلب على الشقق السكنية وهو الأمر المتوقع حدوثه مع الزيادة المتوقعة لعدد الوافدين بسبب استقرار أسعار النفط في المستقبل القريب وتطبيق أنظمة الإقامة طويلة الأمد.
وقال إنه على الرغم من جائحة كوفيد 19 إلا أن أداء سوق الأثاث كان جيداً خاصة على صعيد الشركات التي طورت منصة التجارة الإلكترونية لتلقي الطلبيات والتسليم إلى منازل العملاء بطريقة سلسة لافتاً إلى أهمية تبني اليه البيع متعدد القنوات. وتوقع أن تحافظ الصناعة على نمو بنسبة 5.6% على أساس سنوي حيث يتم تسليم أكثر من 40 ألف وحدة سكنية بين عامي 2020 و 2021 وعند إشغال هذه المنازل بالعائلات، فستحتاج إلى أثاث جديد.  وحول رؤيته لمستقبل سوق الأثاث في الإمارات قال ساجان، أرى مستقبل سوق الأثاث قطاعاً ديناميكياً بمستقبل مشرق يسجل نموًا متماشياً مع تعافي الاقتصاد الإماراتي ونموه في الأشهر المقبلة .
وأشار إلى أن نجاح حملة التطعيم في الدولة ونجاحها في احتواء تحديات كوفيد 19 يجعل البلاد ملاذًا آمنًا للناس، لافتاً أن تجارة الأثاث ظلت تسجل أداء إيجابياً على مدى السنوات الخمس المقبلة، مدعوماً بالطلب القوي في الأسواق المحلية. وتوقع ساجان أن تلعب الإقامة طويلة الأمد دوراً مهماً في زيادة الطلب على الأثاث الفاخر في السنوات القادمة. لذا ، فإن مستقبل الصناعة مشرق للغاية. 

«كورونا» والأثاث
أكد معنى أبودقة، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ايبرزا» لـ «الاتحاد» أن صناعة الأثاث والديكور شهدت في الفترة الماضية تغيرا كبيرا اسفر عنه تحولها إلى موضة ووسيلة لتحسين الحالة النفسية والمزاجية بالإضافة إلى دورها الوظيفي.  
وأضاف :«جاءت أزمة جائحة كورنا لترفع من وتيرة هذا التوجه بعد أن أدى الحظر الذي فرض في أبريل 2020 إلى مكوث الناس في منازلهم لفترات طويلة، ليكتشفوا أنهم بحكم انشغالهم بالعمل وأمور الحياة كانوا مقصرين بعض الشيء في توفير بيئة داخلية مريحة للمكان الذي يقضون فيه معظم يومهم».


ولفت إلى تحركات مجتمعية صحية ظهرت لتحسين بيئة المعيشة الداخلية انعكست عن طريق عمل تحديثات بسيطة مثل تغير لون الحائط أو إضافة ورق جدران، وصولاً إلى تحديث كامل لكل المنزل حتى في كثير من الأحوال اتجه الناس للانتقال لبيوت أخرى لتحسين نوعية المعيشة أو جودة الإضاءة أو مستوى الخدمات. وفي عام 2020 ارتفع نسبة البحث عن كلمات متعلقة بتحسين المنزل على محرك البحث جوجل بنسبة %165، وارتفعت نسبة البحث عن الكلمات المتعلقة بالصحة العامة بنسبة %245، بينما انخفضت نسبة البحث عن سيارات جديدة بمقدار %75 نتيجة زيادة وعي الجمهور بأهمية الصحة، سواء الجسدية أو النفسية المرتبطة بالوجود قي مكان مريح.

بنية تحتية
وأضاف معنى أبودقة، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ايبرزا» لـ «الاتحاد»: إن الإمارات تعتبر بيئة خصبة مؤهلة لاستقبال مختلف الصناعات، بما فيها المفروشات، وذلك لوجود بنية تحتية على مستوى عالمي من مراكز لوجستية وتسهيلات إدارية وانخفاض للرسوم التشغيلية مقارنة بأوروبا.
ولفت إلى أن الإمارات تتمتع باتصال مباشر بجميع خطوط الإمداد حول العالم لتوريد المواد الخام، سواء براً أو بحراً أو جواً، كما تتميز ببيئة تشريعية قوية تحكم طريقة التعامل مع المخلفات الصناعية وتقليل الانبعاثات الكربونية. وقال إن الدولة عبر موانئها العالمية ومركزية موقعها تشكل حلقة وصل بين الشرق والغرب، هذا يساهم بشكل مباشر في تخفيض رسوم الشحن.
ولفت أبودقة، إلى أن جائحة كورونا ضاعفت الطلب على الأثاث نتيجة اهتمام الأفراد بتأثيث منازلهم التي باتوا يقضون فيها معظم الوقت، موضحاً أن الطلب على المنصة الإلكترونية التابعة لـ «ايبرزا» زاد خلال الجائحة بنسبة 800%.
وفي السياق ذاته، دفعت الجائحة العديد من شركات الأثاث إلى التخطيط لنقل عمليات تصنيع الأثاث داخل الدولة، لضمان سلاسة عمليات التوريد بعد ارتفاع أسعار الشحن، لافتاً إلى أن الشركة تعتزم افتتاح أكبر مرفق للتصنيع تابع لها في كيزاد بحلول العام 2024.
وقال أبودقة: إن العام 2020 كان عام التحول للتسوق الإلكتروني بامتياز، وجاء عام 2021 مكملاً له، لذلك نعمل في الشركة حالياً على تطوير متجرنا الإلكتروني ليعطي سهولة أكثر في التصفح وتوظيف الذكاء الصناعي، ليتمكن من وضع اقتراحات مناسبة للعميل مبنية على تصفحه للمنتجات في الموقع.

تحسن مستمر
من ناحيته، أكد رائد دبس، مدير عام «انتيريرز» للأثاث أن عودة الأسواق تدريجياً إلى الفتح الكامل وعودة الزبائن إلى الخروج ساهم في تحسن أداء قطاع الأثاث والمفروشات. وقال إن العام 2020 شهد بوادر تحسن حيث بدأ الزبائن يخرجون لشراء احتياجاتهم من الأثاث وغيره إلا أن محال الأثاث واجهت تأخيراً بشحن الأثاث من قبل الموردين لأسباب عدة منها انخفاض اليد العاملة في بعض البلدان إضافة إلى زيادة كبيرة في حجم الطلبات الجديدة. 


وأوضح أن مبيعات قطاع الأثاث ارتفع بنسبة 50% خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي بالتزامن مع عودة الدورة الاقتصادية واستئناف التصدير إلى بعض الدول، متوقعاً استمرار التحسن والمؤشرات الإيجابية مع قرب انطلاق معرض إكسبو 2020 دبي.  
وبالنسبة إلى البيع الإلكتروني قال دبس، إن بيع الأثاث عبر المواقع الإلكترونية أمر جديد نسبياً على دولة الإمارات ويحتاج إلى القليل من الوقت حتى يعتاد الزبائن على هذه الطريقة لأن الأسلوب المتبع حالياً هو زيارة صالات العرض والجلوس على الأريكة لاختبار راحتها ورؤية الأقمشة على حقيقتها، إضافة إلى لمس الخشب وغيرها. وأعرب عن ثقته أن الموقع الالكتروني يساعد الزبائن على تصفح التشكيلات والتصاميم المختلفة واختيار ما يناسبهم ثم يأتون إلى صالات العرض للشراء وتأكيد اختياراتهم ورؤية تشكيلات مختلفة. ولفت دبس، إلى أن التأثير المستقبلي قادم بشكل سريع وربما ستتغير طرق الشراء في المستقبل القريب وسيزيد الشراء عبر المواقع الإلكترونية بشكل متصاعد وفي هذا الخصوص، نلاحظ أن شراء الإكسسوارات عبر المواقع الإلكترونية مستمر بشكل جيد كما تم رصد زيادة في الطلب على وسائل التسوق الإلكتروني لذا قمنا مؤخراً بإطلاق الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة والذي يعرض كتالوج المتجر الشامل، بما في ذلك أحدث الإبداعات من كبار المصممين والعلامات التجارية الرائدة على مستوى العالم. ويتيح الموقع الإلكتروني للعملاء تصفح المجموعات الحصرية الكلاسيكية والمعاصرة ومقارنة الأشكال والأبعاد والتصميم قبل إتمام عمليات الشراء. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للعملاء أيضاً الحصول على استشارات فريق التصميم الداخلي في انتيريرز والمعروف بإبداعاته في هذا المجال، إلى جانب الاطلاع على اختيارات الخبراء ونصائحهم من أحدث التوجهات والتصاميم والأنماط الموسمية. 


المصدر: صحيفة الاتحاد